Monday, January 24, 2011

الشعب التونسي .. إن الملأ يأتمرون بك

 
الشعب التونسي .. إن الملأ يأتمرون بك ..!
 
 
لا يساورني الشك إطلاقاً أن ثمة من يعتبر " تونس ما بعد بن علي " كعكة يمكن أن يقتسمها مع متواطئين آخرين !، هناك ملفات سياسية يسيل لها لعاب الامبريالية ، وتتلخص في التبعية السياسية ، مثل الحرب على الإرهاب ، والعلاقة مع إسرائيل ، وملفات اقتصادية تتعلق بالتبادل التجاري ، ومحاربة الهجرة غير الشرعية ، أما على المستوى العربي فالمنظومة الاستبدادية تتآمر على ثورة الشعب التونسي لأن نجاحها يمثل خطراً داهماً على بقاء هذه المنظومات المستبدة !، من الممكن أيضاً أن تتحول تونس الحرة إلى أداة لمناهضة الاستبداد العربي إعلامياً.
بن علي كان حتى الأسبوع الماضي ممثلاً لفرنسا في تونس ، ولذلك قررت أن تلتزم الصمت إزاء ظلمه واستبداده وفساده ، وعندما اندلعت الثورة لم تلعب أي دور في صالح الشعب ، وبعد سقوط بن علي اعترفت بما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية في محاولة للالتفاف على ثورة الشعب ، وتنصيب ممثلين جدد !، وأمريكا ـ التي بارك رئيسها المنافق شجاعة وكرامة الشعب التونسي ـ وقفت موقفاً سلبياً عندما كانت عصابة بن علي الأمنية تطلق الأعيرة النارية في رؤوس المتظاهرين !، وإسرائيل التي أعربت ـ بدون خجل ـ عن أسفها لرحيل بن علي كان جهاز استخباراتها الموساد يرسل القناصة لوأد الثورة التونسية بموافقة الطاغية بن علي ..!
أستطيع أن أجزم ومن خلال قراءتي للخطاب الإعلامي المحسوب على المنظومة العربية الاستبدادية ؛ ومن خلال بعض التنازلات الاقتصادية الشكلية بأن  ثمة موجة من الهلع تجتاح غالبية الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي ، العقيد القذافي عبّر عن هذا التخوف بشكل غير مباشرة في خطابه الأخير، هذا الخطاب ـ الذي يعتبر غباء سياسياً فادحاً ـ يكشف تواطئاً رسمياً ليبياً ضد الثورة التونسية بموازاة بعض القرارات التي اتخذتها طرابلس مثل فتح الحدود ، ودعم إصلاحات بن علي المزعومة مادياً !، بالتأكيد لم يكن القذافي هو الوحيد ، ولكنه كان الأغبى !، فكل المؤامرات ضد الثورة التونسية كانت تدار من تحت الطاولات ، مسئولون أمنيون توافدوا إلى الجزائر، بعد أن كانوا في تونس عشية سقوط بن علي !، وأجهزة أمنية جزائرية تتوغل في التراب التونسي ، ومحاولات لاستقطاب الرموز الأمنية في نظام بن علي ودعمها وتسليحها وتهيئة المناخ لعودتها قوية إلى تونس !، وما خفي أدهى وأمرّ..!
وعلى مستوى الداخل التونسي تسعى دمى الإمبريالية العالمية والاستبداد العربي لتقويض الثورة ، فما أن هرب الطاغية حتى أعلن اللص الغنوشي نفسه رئيساً للبلاد !، كان يعلن هذا وبجانبه الجلاد عبد الله القلال ، هذا الإعلان كان بمثابة سرقة واضحة لثمار الثورة ، كان مخالفاً للدستور المزور أصلاً ، فكانت المؤامرة مكشوفة !، فما لبث الشعب الثائر أن احتج ، فأًصبح المبزع رئيساً مؤقتاً ، وكلف الغنوشي بتشكيل الحكومة !، واشتركت بعض القوى السياسية والأحزاب معهم ، فكان أن استحوذ حزب بن علي على كافة الوزارات السيادية ، وترك لهذه الأحزاب حقائب هامشية !، بعد أن تواطئت معه ضد بقية الأحزاب والقوى الحية والنزيهة ، وحاولت أن تهمشها ، فكانت محاولة للانقلاب على الثورة! ، وكانت كل فصول هذه المسرحية الفضيحة تدار بأيد خارجية إمبريالية واستبدادية ..!
وخلال هذه الأيام التي تتشكل فيها الحكومة الانتقالية جاست فرق الموت خلال الديار!، مافيات التجمع الدستوري تساندها مخابرات أجنبية تقوم بإثارة الرعب والهلع في صفوف الثوّار، قتل عشوائي ، وإطلاق كثيف للأعيرة النارية ، وفلتان أمني ، وسطو على الممتلكات العامة والخاصة !، وتخريب وإفساد !، وفتنة يراد لها أن تشتعل ، يحدث كل هذا الإجرام ليرسل المتآمرون رسالتين ؛ الأولى للشعب التونسي مفادها : أن بن علي أفضل من الفراغ ، والثانية للشعوب العربية : أن اعتبروا يا أولي الأبصار ..!، فهل كان هذا ما استشهد من أجله أبطال تونس ..؟
أيها الشعب التونسي العظيم ، حتى لا تتكرر المأساة ، وتهدر الدماء العربية والمسلمة في مواجهة الإمبريالية حتى الاستقلال ، ثم تعود عبر وكلائها وعملائها ؛ يجب أن يتواصل هدير الشوارع !، يجب أن تُجتث هذه الطغمة الفاسدة من جذورها ، يجب أن تحاكم ، ويجب أن يُحل حزب التجمع الدستوري ، ويجب أن تتشكل حكومة إنقاذ شمولية تترأسها شخصية وطنية مستقلة ونزيهة ومحل إجماع وتتعهد بعدم الترشح للرئاسة ، وفي كنفها يجب أن تعاد صياغة الدستور ليكون دستوراً حقيقياً توافقياً نابعاً عن رؤية الشعب ، وحتى ذلك الحين ، ينبغي ألا تصر الأحزاب على المنافسة السياسية حتى تنجز المهمة ، هي عقبة كأداء ـ أيها الشعب العظيم ـ وقد أوشكت على انجازها ، ولم يبق إلا اليسير، وإن الملأ يأتمرون بك ، فأصبر، إني لك من الناصحين ..!
 

No comments:

Post a Comment