Wednesday, May 11, 2011

ابعاد التسلح العربي وقدرته على درء الأخطار


ابعاد التسلح العربي وقدرته على درء الأخطار



اعداد العميد الركن م 

ابراهيم اسماعيل كاخيا 

تعتبر قوانين الصراع المسلح المادة الأساسية للعلم العسكري، وان كشف هذه القوانين والطرق الصحيحة لاستخدامها، يُحول العلم العسكري الى أداة مهمة في النشاط العملي للقوات وخاصة من قبل الكوادر القيادية للقوات المسلحة. ومن جملة تلك القوانين، قانون اعتماد سير الحرب ونهايتها على تناسب الإمكانات العسكرية للطرفين المتعاديين حيث يرتبط سير الحرب ومصيرها مباشرة مع تناسب العوامل العسكرية البحتة للخصمين، ومع حالة امكاناتهما العسكرية التي تتضمن العوامل التالية: 
١ - كمية التسليح الحديث ونوعيته. 
٢ - تعداد أفراد القوات ونوعيتها. 
٣ - مستوى المعارف العسكرية والمواهب التنظيمية لدى القادة او مقدرتهم على السيطرة على بناء القوات وتدريبها واستخدامها في المستويات الاستراتيجية والعملية والتكتيكية. 
كما ان لتناسب القوى المادية والمعنوية للقوات، كماً ونوعاً، تأثيراً حاسماً على مصير الحرب، ان التقدير السليم لتناسب قوى الطرفين المتحاربين مشكلة مهمة للغاية ومعقدة جداً في الوقت نفسه، كما ان حساب تناسب القوى مرتبط مع الواجبات الكثيرة للتخطيط الاستراتيجي، والقيادة العسكرية سواء أفي المرحلة التي تسبق الحرب ام خلالها. 
وفي الوقت الحاضر يمكن ان تجري أعمال القتال دون استخدام السلاح النووي، ولكن مع استخدام اسلحة تقليدية متطورة، وهنا يجب ان يُؤخذ بعين الاعتبار ان العوامل التي يمكن ان تُغير نسبة القوى، اثناء الأعمال القتالية، قد تبدل محتواها السابق، واكتسبت محتوى جديداً، وهي:

- ازدياد قوة التأثير الناري وعمقه، ولا سيما الضربات الجوية. 
- قصر الوقت اللازم سواء أكان لتسديد الضربات ام للاستفادة من نتائجها. 
- ازدياد قدرة القوات على التحرك والمناورة. 
- تطور قدرات قوات الانزال الجوي تطوراً ملموساً. 
وهكذا فان نتيجة صراع الأطراف المتحاربة مرهونة بطبيعة خصائص قوى الطرفين المعنيين، وبالقدرة القتالية للقوات المتحاربة، ومقدرة القادة على استخدامها في المواقف المعقدة بالدرجة الأولى. ان القدرة القتالية للقوات، هي في جميع الأحوال، وحدة جدلية لعناصرها المادية والمعنوية كماً ونوعاً. ان قانون اعتماد سير الحرب، ونهايتها على تناسب الامكانات الحربية للخصمين يحافظ على مفعوله - ايضاً - في ظروف الحرب النووية الصاروخية حيث يحاول كل من الطرفين المتحاربين تحقيق التفوق على الطرف الآخر، سواء أفي قوة الضربات النووية وفعاليتها، أم في تكتيك تنفيذها. 
وسوف نتخد من التسليح العربي نموذجاً واقعياً لمعرفة قدرته على درء الأخطار التي تهدد الأمن القومي العربي، منوهين مسبقاً بأن الدول العربية - في الوقت الحاضر تملك من الامكانات البشرية العسكرية المدربة ووسائط الصراع المسلح الأساسية ما يلي: 
الأفراد المقاتلون١٩١٤٨٧٠ 
دبابة قتال أساسية١٧٢٢١ 
مدرعة متنوعة٣٠٥٧٣ 
مدفعية١٩٧١٣ 
طائرة قتال٣٢٦٩ 
طوافة مسلحة٤٦٤ 
حيث يبلغ الناتج القومي العام للدول العربية - بصورة اجمالية - حوالى ٠٢.٧٨٥ مليار دولار أميركي - وفق تقديرات عام ٢٠٠٣ - ٢٠٠٤ أنفق منها على الأمور الدفاعية ما يناهز ١٣٤.٤٨ مليار دولار اي بنسبة مئوية تقدر ب ١٣.٦ وهذا الانفاق الدفاعي السنوي يصرف نصفه - على وجه التقدير - على شراء الأسلحة والعتاد الحربي والذخائر الحربية وقطع الغيار، مستهلين البحث بعموميات عن التسلح او الأسلحة المتوفرة حالياً. 

أولاً: - عموميات عن التسلح السلاح: 
يحمل تعبير السلاح معنيين متباينين: يدل أولهما على اداة من ادوات القتال، في حال يستخدم الثاني للدلالة على نوع من صنوف القوات المسلحة. 
١ - السلاح كأداة قتال: هو الأداة القتالية وذخائرها ووسائط حملها ومجمل الأجهزة العضوية اللازمة لتشغيلها بشكل يؤمن سرعة التعامل مع الهدف ودقة الاصابة وتحقيق المردود الأقصى، ويُطلق على الأسلحة المتطورة الحديثة وأجهزتها وذخائرها اسم "نظام التسلح". وتُصنف الأسلحة في العصر الحاضر اشكالاً متباينة حسب دلالات تتعلق بتقنية السلاح وتابعيته ومهامه، وتأثيره.. الخ، وتذكر المراجع العلمية العسكرية زهاء عشرين تصنيفاً للأسلحة المتوفرة في الوقت الراهن. يتفرع عنها حوالى ٦٣ صنفاً فرعياً. 
٢ - السلاح تصنيف حسب القوات المسلحة: مجموع القطعات والتشكيلات المزودة باسلحة مشابهة والمكلفة بتنفيذ مهام من نوعية واحدة. ويقسم السلاح نفسه الى فروع متخصصة يختلف تنظيمها وتدريبها وتجهيزها حسب طبيعة مهامها الخاصة التي تبقى ضمن اطار مهمة السلاح العامة، ويخضع كل سلاح الى قيادة خاصة قيادة سلاح وتتبع هيئة اركان القوات المسلحة مباشرة مثل "سلاح المدروعات" و"سلاح المشاة" و"سلاح المدفعية" و"سلاح المهندسين"... الخ. 
الا ان كثير من الجيوش المعاصرة ألغت قيادات الاسلحة واستعاضت عنها بمفتشيات اسلحة: وهي عبارة عن اجهزة مراقبة تعمل على متابعة الدراسات الخاصة بالمعدات وبرامج التدريب الاختصاصية، وتراقب الاستخدام الخاص لوحدات كل سلاح. 
والجدير بالذكر ان ظروف المعركة الحديثة المعقدة تفرض قيام مختلف صنوف الاسلحة بالتعاون والعمل المشترك ابان تنفيذ المهام القتالية. ومن هنا جاءت الحاجة الى تشكيلات وقطعات تضم عضويا قوات من مختلف صنوف الاسلحة، او تشكيل المجموعات التكتيكية ابان القتال من بعض صنوف الاسلحة حسب مقتضيات المهام الواجب تنفيذها. 
ولقد ألغت كثيرا من الدول، ومن بينها عدد من الدول العربية، استخدام كلمة سلاح واستعاضت عنه في اغلب الاحيان بتعبير "قوات" فاصبح سلاح الطيران مثلا يحمل اسم "القوات الجوية، كما غدا سلاح البحرية يحمل اسم "القوات البحرية" بيد ان تعبير سلاح لا يزال مستخدما في الادبيات العسكرية غير الرسمية. 

ثانيا: سياسة التسلح 
١ - سياسة التسلح: هي الخط العام الذي ترسمه الدولة وتحدد على اساسه الخطط والتدابير الرامية الى تزويد قواتها المسلحة في زمن السلم باحدث الاسلحة والمعدات وذخائرها وقطع غيارها، وفق التصور المسبق لطبيعة الحرب التي ستخوضها، وتأمين الحاجات التسليحية لتلك القوات في زمن الحرب، بكمية ونوعية تتناسبان مع التسلح المعادي وتطوره وتكملان النقص الناجم عن الخسائر والاستهلاك. 
٢ - طبيعة سياسة التسليح ومتطلباتها: لكل دولة سياسة عليا تؤمن مصالحها القومية وتطلعات شعبها، وتضمن تحقيق طموحاتها، سواء أكانت هذه لطموحات عادلة ومشروعة، ام كانت عدوانية وغير مشروعة، ومهما كانت طبيعة السياسة العليا للدولة، فان تطبيقها في عالم تحكمه الصراعات والارادات المتعاكسة، يبقى مرهونا بقوة الدولة اي بقدرتها على حماية "قوة الحق" بواسطة "حق القوة". ويشمل تعبير القوة هنا مجمل قدرات الدولة السياسية والاقتصادية والبشرية والعلمية والعسكرية، التي كانت ولا تزال الحكم النهائي في العلاقات بين الدول، والوسيلة الاخيرة لتحقيق اغراض اهداف السياسة العليا. 
ويتجسد اعداد القدرات العسكرية بامتلاك قوات مسلحة كاملة الجاهزية، وقادرة على ردع الخصوم المحتملين او الانتصار عليهم. وليست هذه القوات المسلحة سوى التسجيد النهائي لما تستطيع الامة تكريسه للشؤون الدفاعية من قوى بشرية ومادية وفكرية. وما تحصل عليه من الاصدقاء والحلفاء من مساعدات عسكرية تأخذ شكل وحدات مقاتلة او اسلحة او تدريبات او معلومات او دعم لوجستيي. 
ومن المؤكد ان بناء القوات المسلحة والحفاظ على جاهزيتها عمل بالغ التعقيد ومتعدد الوجوه، ويعتمد عادة على عدة عوامل مادية ومعنوية وبشرية وفنية من بينها تزويد القوات بالاسلحة والمعدات اللازمة لخوض الصراع المسلح المحتمل. وتتم عملية التسلح وفق سياسة متكاملة تنطلق من ثلاثة مفاهيم هي: الهدف والخطة والامكانات. وتشارك في اعدادها هيئات عليا، تضم خبراء من العسكريين والصناعيين والتكنولوجيين ورجال اقتصاد وسياسة، مهمتها دراسة حاجات التسليح وامكانية تلبيتها عن طريق التصنيع او الشراء، ووضع خطة تلاؤم بين الحاجة الانية والمستقبلية، وتبرمج مراحل الحصول على الاسلحة واستيعابها. 
ويلاحظ عند اعداد سياسة التسلح ان هناك تكاملا بين دور الخبراء العسكريين وادوار الخبراء الآخرين، كما ان بين تلك الادوار تعارضا ينبع من رغبة العسكريين في الحصول على افضل الاسلحة والمعدات في اقصر وقت ممكن. ورغبة الخبراء المدنيين الآخرين في ملاءمة مطالب العسكريين مع المستوى الذي تسمح به القدرات المتاحة والانعكاسات المتوقعة، ويمكن تقديم امثلة كثيرة حول التعارض الدائم بين ما يسعى العسكريون الى تحقيقه في سياسة التسلح من اجل تحقيق الفاعلية القصوى، وما يطرحه الاقتصاديون والسياسيون والتكنولوجيون من تعديلات نابعة من الامكانات المتوفرة او الامكانات التي يمكن تكريسها للتسلح دون حدوث مضاعفات سلبية. 

٣ - العوامل المؤثرة على اعداد سياسة التسلح 
- يتعلق اعداد سياسة التسلح في الدول كلها بمجموعة من العوامل المتباينة في طبيعتها، ومدى تأثيرها على بناء تلك السياسة. وهناك - كما سنرى - عوامل مؤثرة على سياسة التسلح في الدول الصناعية، واخرى تؤثر على تلك السياسة في الدول النامية كالدول العربية مثلا، بالاضافة الى عوامل تؤثر على سياسات التسلح في الدول الصناعية والنامية بنسب متباينة او متساوية. والعوامل المؤثرة على اعداد سياسة التسلح بصورة عامة ومن حيث الاهمية هي التالية: 

آ - العدو او الحلف المعادي المحتمل 
- يشمل هذا العامل طبيعة نظام الخصم واستراتيجيته ونواياه، وحجم قواته المسلحة ومستوى تجهيزها وتسليحها وماهية الاساليب القتالية التي تستخدمها، وتطور الخصم على الصعيدين العلمي والتكنولوجي، ومستوى انتاجه الصناعي الحربي الحالي والمستقبلي على الصعيدين الكمي والنوعي، وعلاقاته السياسية الخارجية التي تسمح له باستيراد اسلحة ومعدات متطورة من الدول الصناعية التي تدعمه، وقدرة قواته المسلحة على استيعاب تلك الاسلحة والمعدات وصيانتها، والمواد اللازمة لعمليتي الاستلام والاستيعاب. ولاعطاء الخصم صفة الشمولية، تأخذ سياسة التسليح في اعتبارها الخصم الخارجي بالاضافة الى الخصم الداخلي الذي يشكل لبعض الدول خطرا لا يقل عن خطر الخصم الخارجي، ان لم يكن اخطر منه. 
وتتساوى اهمية عامل الخصم بالنسبة الى الدول كلها، ويقع عبء دراسته وتقويمه على عاتق العسكريين والسياسيين بشكل اساسي. ولا يساهم الاقتصاديون والتكنولوجيون في الدراسة والتقويم الا ضمن حدود اختصاصهم، أو استنادا الى ما لديهم من معلومات تتعلق باوضاع العدو الاقتصادية والتكنولوجية، ومشروعاته المستقبلية في مجال الانتاج الحربي والبحث العلمي - التكنولوجي. وسوف ندرس العدو الاسرائيلي عند دراسة دول الجوار، لاحقا. 
ب - مسرح او مسارح العمليات 
- يؤثر هذا العامل على تحديد سياسة التسلح في الدول كلها بشكل متساو، وهو من اختصاص العسكريين والهيئات المدنية العامة المعنية بمسائل الحغرافيا والطبوغرافيا والاحوال الجوية. وتأتي اهميته من تأثر نشاطات القوات المسلحة بطبيعة مسرح القتال وموقعه، نظرا الى تأثر قاعلية الاسلحة والمعدات ومردودها بالوسط والمحيط بها. لذا فان تأمين استخدام السلاح المناسب في الوسط المناسب من اجل تحقيق المردود الاقصى، يفرض على سياسة التسلح اختيار الاسلحة والمعدات الملائمة لطبيعة ومناخ مسرح العمليات المحتمل. 

ج - الاستراتيجية العسكرية للدولة 
- تتبنى الدولة استراتيجية دفاعية او هجومية ومن الطيبيعي ان يهتم العسكريون عند اعداد سياسة التسلح باختيار الاسلحة والمعدات القادرة على خدمة الاستراتيجية العسكرية المتبناة. واذا كانت الاستراتيجية الهجومية تتطلب اسلحة ومعدات تمتلك القوة النارية والقدرة على الاختراق والمناورة والاندفاع في العمق. فان الاستراتيجية الدفاعية تتطلب اسلحة ومعدات قادرة على صد الهجوم والرد عليه بضربات معادية. وبالاضافة الى ذلك، فان سياسة التسلح تتأثر بمكونات الاستراتيجية العسكرية كلها، بما في ذلك انتشار القوات المسلحة الصديقة في زمن السلم داخل الاراضي الوطنية او في القواعد الخارجية والدول الحليفة، وما يتطلب حشد تلك القوات من تحركات داخل الدولة وخارجها، والتسهيلات المتوافرة لاجراء تلك التحركات. 

د - القوات المسلحة 
- يدخل هذا العامل في اطار مهام الهيئات العسكرية وتتساوى اهميته في الدول كلها. وسواء أكان الهدف من سياسة التسليح بناء القوات المسلحة، ام اعادة بنائها، ام تحديثها وجعلها في مستوى المعطيات التالية: حجم القوات المسلحة في زمن السلم، وحجم القوات المسلحة عند اعلان التعبئة العامة او الجزئية وكميات الاسلحة والمعدات المتوافرة من الناحية الفنية، والسنوات الباقية من عمرها العملي عند اعداد سياسة التسلح، ووجود العقيدة العسكرية او المذهب العسكري واساليب القتال التي تستخدمها القوات الصديقة وتأثيرها على توازن الاسلحة داخل التشكيلات القتالية. وعلى متطلبات التشكيلات من وسائط القتال الخاصة. 

ه - البنية الصناعية التحتية 
- يقع تحديد هذا العامل ضمن اختصاص الصناعيين والتكنولوجيين، ويأخذ تأثيره بعدا رئيسيا عند اعداد سياسة التسلح في الدول الصناعية المنتجة للاسلحة، والقادرة في الوقت نفسه على صيانة الاسلحة وتحديثها بوسائطها الذاتية، ومن الطبيعي ان يكون تأثير البنية الصناعية التحتية على سياسة التسلح اقل اهمية في الدول النامية، او الدول المتطورة التي لا تمتلك صناعة حربية متكاملة كبعض الدول العربية "مصر والسعودية" او ان يكون هذا التأثير محصورا في انعكاسات مستوى البنية الصناعية التحتية على اعمال الصيانة، والتحديث الجزئي، الرامية الى اطالة العمر العملي للاسلحة والمعدات، والحفاظ على جاهزيتها الفنية اطول مدة ممكنة. 

وضع الدولة الاقتصادي والمالي والسياسي 
ويقوم بتحديده رجال الاقتصاد والمال والسياسة. ويعتبر من اهم سمات التسلح في العصر الحاضر، نظرا لتطوره الكبير وتعقيداته وارتفاع كلفته وضرورة تحديثه بشكل يتوافق مع افضل المبتكرات العلمية - التكنولوجية، ليكون في المستوى المناسب لمواجهة الخصم المحتمل. وبسبب هذه السمات، اصبحت طموحات سياسة التسلح مرهونة بقدرة اقتصاد الدولة على تحمل نفقات التسليح المتصاعدة، واستيعاب انعكاسات هذه النفقات غير الانتاجية على النمو الاقتصادي العام وحجم البضائع الاستهلاكية المطروحة في الاسواق وصحة القطاعات الصناعية المدنية الاستهلاكية كلها، والاسعار والتضخم والبطالة. 
وبالاضافة الى ذلك بان تحديد سياسة التسلح، وبالتالي تكاليفها، مرهونة بالمبالغ التي تستطيع الدولة اقتطاعها من الدخل الوطني العام لاغراض الدفاع، على حساب النفقات العامة الاجتماعية الصحة، التعليم، المواصلات، الاسكان... الخ وبالانعكاسات الاجتماعية والسياسية الناجمة عن ذلك الاقتطاع، وطبيعة البنية الاجتماعية - السياسية للدولة وقدرتها على تحمل الانعكاسات واستيعابها. 
واقرب مثال حي وواقعي عن الامكانات المالية للدول العربية، هو ان مقدار الناتج القومي للدول العربية قاطبة يناهز ال ٠٢،٧٨٥ مليار دولارخلال العام المالي ٢٠٠٤ - ٢٠٠٥. انفق منه في العام المذكور حوالي ١٣٤،٤٨ مليار دولار على الامور الدفاعية، اي بنسبة عامة متوسطة تقدر ب ١٣،٦ من الدخل القومي للدول العربية، وهذا الانفاق توزع كالتالي: دول مجلس التعاون الخليجي الست حوالي ٩٥١،٣٣ مليار دولار، دول المغرب العربي الخمس حوالي ١٧،٦ مليار دولار، ودول الطوق العربية مصر والاردن وسوريا ولبنان حوالي ٧٣٦،٦ مليار دولار، وباقي الدول العربية الاخرى السودان واليمن حوالي ٤٢٥،١ مليار دولار، باستثناء كل من العراق، وجيبوتي، والصومال والسلطة الفلسطينية. نظرا للاوضاع المضطربة في هذه الدول. 
التحالفات السياسية 
يقوم السياسيون بتحديد هذا العامل المهم انطلاقا من ان سياسة التسلح. في الدول الصناعية تتأثر بطبيعة علاقتها السياسية مع الدول التي تمتلك المعادن النادرة الثمينة اللازمة للصناعات الحربية. او تسيطر على احتكارات تلك المعادن، كما تتأثر بمستوى تحالفاتها السياسية مع الدول الصناعية، وبامكانية ترجمة تلك التحالفات على شكل مشروعات صناعية حربية مشتركة. او على شكل اجهزة ومعدات فرعية تدخل في تركيب انظمة التسلح المنتجة محليا، اما الدول النامية غير الصناعية كمعظم الدول العربية، مثلا، فان طبيعة العلاقات السياسية مع دول صناعية او اكثر تؤثر على سياستها التسليحية باشكال متعددة. 
ويبدو من دراسة العوامل المؤثرة على اعداد سياسة التسلح، على ان تأثيراتها المتشابكة دائما والمتناقضة في معظم الحالات تطرح امام الهيئات الحكومية المعنية بوضع تلك السياسة عدداً كبيراً من الصعوبات، ولا سيما في الدول التي لا تمتلك صناعة حربية متطورة، ولا تتمتع باقتصاد قوي وتحالفات سياسية متينة.


No comments:

Post a Comment