Thursday, May 26, 2011

كلمات قصيدة ملك الثوار للمبدع شاعر درعا معتصم الحريري



ملك الثوار  
 
ها أنت تُبحر مِن جديد في بحور العاطفة
من مرفأ الأحزان تُبحر في هدوءٍ
غارقاً في ليلك الصوفيِّ
تبكي للحياة الزائفة
لا شيء غير البحر يفهم سِرَّ عشقك
كيف تنتفض الحياة على جروحك
كي تهبُّ العاصفة
أبحر ولا تنظر وراءك
لحظة الإبصار تلمع في فضاءكَ خاطفة
كالبرق تُومضُ
هل رأيت البرق يُومض للقلوب الخائفة
حلِّق بروحك في المحيط ولا تسل أين النَّوارس؟
فالنوارس للشواطيء عازفة
قد قَيَّد الميناء أرجلها
فباتت نازفة
لا تبتئس لست الوحيدَ
هناك نجم سوف يرشدك السبيلَ
إذا صدقت له المحبَّة بالعيون الذارفة
وهناك وجه حبيبة ترنوا إليك من الغيومِ
فتوقظ الأحلام في أعماق قلبك
توقظ الطفل اللعوب ليرتمي في حجرها
ويغيب في أغصانها
مثل الطيور الراجفة
اصعد بروحك كي تفجِّر تحتك الأنهار
تغسل كلَّ أوحالِ الليالي
بالسيول الجارفة
عرِّف بنفسك:
أنت إبن الأنبياء وكلُّ ثورات البلاد على يمينك واقفة
إيهٍ أبا الثوار أتعبنا انتظارك
أين أنت ودورة التاريخ تمَّت
والشُّموس غدت لأجلك كاسفة
أقبل فإنَّا قد سأمنا … قد سأمنا
من رعاةٍ سيَّرتنا كالخراف العالفة
قد سأمنا من دنا التَّزوير هذي
والبطولات السخيفة
والشعوب الزاحفة
أقبل فأنت هو الحقيقة
والحقيقة قاذفة
* * *
أو ما ترى الدُّنيا تإنُّ إليك شوقاً
وهي تنتظر اللقاء
أو ما ترى الأرض اليباس تموت من شحِّ السَّماء
والأرض مثل الشعب تبلى
إن سقاها الغيم طلاًّ
لم يخالطه الفداء
والزَّرع لا ينمو بأرضٍ
لم يكن فيها قليلٌ من بقايا كبرياء
وكذلك الشعب الأبيُّ
خليفة الله العليِّ
وطفل كلِّ الأنبياء
تشتاقه الدنيا
كما تشتاق للحب النِّساء
وتراه فارسها الوحيد
رسولها للعالمينَ
وطفلها عند المساء
وتضم قبلتها إليه لتستفزَّ حياته
ويذوب عشقاً في اللقاء
كأس الحياة براحه يختال فيها ضاحكاً
والأرض خمرتها الدِّماء
عيناه للأحرار .. للثوّار .. للأشعار لكنْ
للطواغيت الحذاء
ويداه للمتشرّدين النائمين على الشوارع
قوتهم برد الشتاء
قطط المزابل والمنازل في بلادِ الأغنياء
يا مالك الثوّار أقبِلْ
كي أريك عدالة الإنسان تعوي مثل كلبٍ
بين أضواء القصور
وحاويات الأشقياء
وأريك عبَّاد المقاهي
ثمَّ أفخاذ الملاهي
وارتعاشات الحياء
وأريك أشباه الرِّجال
الخائرين كما البِغال
العازفين عن النِّضال
النَّاعمين الأبرياء
وأريك ماذا قد أريك
وأنت في عيني ضياءٌ لا يماثله ضياءْ
لكنَّه ألم قديمٌ ورَّثته ليَ الطيورُ
لكي أبادلها الغناءْ
غنيته يوما فحلِّق
ثم أجهش بالبكاءْ
فعلمت إنِّي عندما أبكي أغنِّي للحياة كما أشاءْ
* * *
يا مالك الثوَّار فاصرخ في أحاسيس الرِّجال
أرِهِمْ رجولتهم وأَفرِغ
في قلوبهم الجلال
علِّمهم الإيمان بالأحلام
فالأحلام مفتاح الجمال
كي يبصروا سرَّ الحياةِ
فيصرعوا موج البحارِ
ويعتلوا شمَّ الجبالْ
ويكسِّروا المرآة والمرآة فخٌ
يحجب الرُّوح المضيئة
عن ميادين النِّضالْ
وتحجمُ الأصوات فينا
تقتل الطفل الضحوك على أمانينا الطِّوالْ
علِّمهم الإصغاء للإنسان
فالإنسان أصبح من أحاديث البضائعِ والمتاجرِ والرسومِ
وكلَّ أبناء الرِّيالْ
علِّمهم أنَّا صنعنا ما عبدنا من حماقة ما أردنا
قبل عهد الانفصالِ
وقبل عهد الاحتلالْ
وبأنَّ كل النائبات جريمة كنَّا يديها
حين ضيَّعنا الأمانةَ
وارتضينا بالضلالْ
علِّمهم أنَّ الضياعَ ضريبةٌ للإنحلالْ
وبأنَّ مأساة العروبةِ
في الخلاعةِ والمياعةِ
وانثناءات الغواني
وانحناءات الرِّجالْ
أخبرهم أنَّ الطريق لمن يقاوم لا تزالْ
مفتوحةً ذهبيَّة الأبوابِ
تسبح بين أمواج الحقيقة
وامتدادات الخيالْ
عسليَّة العينين تعرف عاشقيها
ثمَّ تدني منهم من ذاب وجداً
دون كبرٍ أو دلالْ
علِّمهم شيئاً جميلاً واحداً
واغسل خطاياهم بدمعك
ثمَّ عانقهم بصمت
واترك الدُّنيا وغرِّد فوقها لحن الكمالْ
فوقها لحن الكمالْ

No comments:

Post a Comment